مسجد “قول شريف”

3 أغسطس

في عام 1996 بوشر في تشييد مبنى مسجد “قول شريف” وفقاً لمشروع مجموعة من المهندسين المعماريين التابعين لشركة “تاتإنفيست غراجدان برويكت” وهم؛ أ.ف. غولوفين وأ.إ. إسحاق وإ.ف. سيفولين وأ.غ. سَتّاروف وم.ف. سفارانوف وس.ب. شَكوروف
بُني المسجد للاحتفاء بالذكرى الـ 1000 لمدينة قازان في عام 2005، بات على أثره أحد رموز قازان الحديثة
تشكل واجهات المسجد ثمانية أقواس مدببة متقاطعة، وهي مؤطرة بآيات من القرآن الكريم المنحوتة في الرخام، فيما تزين الجدران نوافذ عالية من الزجاج الملون
وفقاً لفكرة المهندسين، تذكر القبّة الرئيسية، التي يبلغ ارتفاعها 36 متراً وقطرها 17.5 متراً، ما يسمى بـ “قبعة قازان” – تاج خانات قازان، المحفوظة حالياً في مستودع أسلحة الكرملين في موسكو. تقطع القبة نوافذ على شكل خزامى – الزهرة التي تمثل رمزاً قديماً للانبعاث والازدهار لشعوب البُلغار
يحتوي مسجد قول شريف على أربعة مآذن كبيرة بارتفاع 57 مترا، وعلى مئذنتين صغيرتين ومئذنتين ديكور مزخرفتين تزينان بوابة المدخل الرئيسي
تتوج المآذن أهلّة تطل حوافها الحادة تجاه مكة المكرمة، حيث يتم توجيه كافة مساجد العالم. يسمى هذا الاتجاه القبلة (تترجم حرفياً باسم “ما هو مقابل”)
تم بناء مسجد قول شريف في ذكرى أحد أكثر المعالم الأثرية أسطورية في خان قازان – المسجد الجامع متعدد الأبراج، والذي كان يبهر الجميع ليس بروعته ونعمته وجماله فحسب بل وبحجمه أيضاً. هنا، في أيام الجمعة، كان يتجمع كافة سكان قازان وتقام احتفالات تتويج الخانات. في هذا المسجد تم تأسيس مدرسة روحية وتم جمع مكتبة غنية. وفي القرن السادس عشر كان يعد المسجد مركزاً للتعليم الديني لكافة أنحاء منطقة الفولغا الوسطى
كان إمام ذلك المسجد القديم هو السيد قول شريف، سليل النبي محمد ﷺ، وهو رجل دولة مؤثر وشخصية دينية وسياسي ماهر ودبلوماسي وحتى شاعر. بعد تربع خان إديجر على عرش قازان أصبح قول شريف عضواً في الحكومة وشارك بنشاط في الشؤون اليومية للخانات
لكن الحقبة التي عاش فيها السيد قول شريف كانت فترة مأساوية لذبول خانات قازان حتى نهايتها. فخلال حصار قازان من قبل قوات إيفان الرهيب ترأس قول شريف الدفاع عن المدينة في أحد أطرافها، حيث وقعت في المرحلة الأخيرة من الهجوم معارك شرسة بالقرب من جدران المسجد الجامع قتل خلالها الإمام قول شريف مع الشاكيرد (طلاب المدرسة). احتفظ الزمن على ذكرى مسجد قازان الأسطوري وإمامه
في نوفمبر 1995، وقع أول رئيس لجمهورية تتارستان، مينتيمر شايمييف، مرسوماً بشأن إعادة بناء مسجد تذكاري على أراضي الكرملين “من أجل الحفاظ على الاستمرارية التاريخية”
حينها أرسل العديد من المهندسين المعماريين ليس فقط من المدن الروسية، بل أيضاً من لبنان وتركيا وفنلندا، أعمالهم إلى المسابقة المفتوحة لأفضل تصميم للمسجد الذي تم الإعلان عنه في نفس ذاك العام، وفي المشروع النهائي تم الجمع بين أفكار العديد من المشاركين في المسابقة
نظراً لعدم بقاء سوى عدد قليل من أوصاف المسجد القديم لا يمكن اعتبار مسجد قول شريف الحديث نسخة طبق الأصل من النصب التذكاري المختفي، بل هو، في الغالب، رمز لإحياء التقاليد الوطنية والدينية لشعب التتار